فصل: بحث بعنوان: الزلازل والبراكين رؤية إيمانية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)}
افتتاح الكلام بظرف الزمان مع إطالة الجمل المضاف إليها الظرف تشويق إلى متعلق الظَّرْف إذ المقصود ليس توقيت صدور الناس أشتاتًا ليُرَوا أعمالهم بل الإِخبارَ عن وقوع ذلك وهو البعث، ثم الجزاء، وفي ذلك تنزيل وقوع البعث منزلة الشيء المحقق المفروغ منه بحيث لا يهم الناس إلا معرفة وقته وأشراطِهِ فيكون التوقيت كناية عن تحقيق وقوع الموقت.
ومعنى {زلزلت}: حُركت تحريكًا شديدًا حتى يخيل للناس أنها خرجت من حيزها لأن فعل زلزل مأخوذ من الزّلل وهو زَلَق الرِّجلين، فلما عَنَوا شدة الزلل ضاعفوا الفعل للدلالة بالتضعيف على شدة الفعل كما قالوا: كَبْكَبه، أي كَبَّه ولَمْلَم بالمكان من اللّمّ.
والزلزال: بكسر الزاي الأولى مصدر زَلزل، وأما الزَّلزال بفتح الزاي فهو اسم مصدر كالوسَواس والقَلْقال، وتقدم الكلام على الزلزال في سورة الحج.
وإنما بُني فعل {زلزلت} بصيغة النائب عن الفاعل لأنه معلوم فاعله وهو الله تعالى.
وانتصب {زلزالها} على المفعول المطلق المؤكِّد لفعله إشارة إلى هول ذلك الزلزال فالمعنى: إذا زلزلت الأرض زلزالًا.
وأضيف {زلزالها} إلى ضمير الأرض لإفادة تمكّنه منها وتكرره حتى كأنه عرف بنسبته إليها لكثرة اتصاله بها كقول النابغة:
أسائِلَتي سَفَاهَتَها وجَهْلًا ** على الهجران أختُ بني شهاب

أي سفاهة لها، أي هي معروفة بها، وقول أبي خالد القَناني:
والله أسماكَ سُمًى مباركًا ** آثرَك الله به إيثَاركا

يريد إيثارًا عُرفْتَ به واختصصتَ به.
وفي كتب السيرة أن من كلام خَطر بن مالك الكاهن يذكر شيطانه حين رُجِم (بَلْبَلَه بَلْبَالُه) أي بلبال متمكن منه.
وإعادة لفظ الأرض في قوله: {وأخرجت الأرض أثقالها} إظهار في مقام الإِضمار لقصد التهويل.
والأثقال: جمع ثِقْل بكسر المثلثة وسكون القاف وهو المتاع الثقيل، ويطلق على المتاع النفيس.
وإخراج الأرض أثقالها ناشئ عن انشقاق سطحها فتقذف ما فيها من معادن ومياه وصخر.
وذلك من تكرر الانفجارات الناشئة عن اضطراب داخل طبقاتها وانقلاب أعاليها أسافل والعكس.
والتعريف في {الإنسان} تعريف الجنس المفيد للاستغراق، أي وقال الناس ما لها، أي الناس الذين هم أحياء ففزعوا وقال بعضهم لبعض، أو قال كل أحد في نفسه حتى استوى في ذلك الجَبان والشجاع، والطائش والحكيم، لأنه زلزال تجاوز الحدّ الذي يصبر على مثله الصَّبور.
وقول: {ما لها} استفهام عن الشيء الذي ثبت للأرض ولزمها لأن اللام تفيد الاختصاص، أي ما للأرض في هذا الزلزال، أو ما لها زُلزلت هذا الزلزال، أي ماذا ستكون عاقبته.
نزلت الأرض منزلة قاصد مريد يتساءل الناس عن قصده من فعله حيث لم يتبين غرضه منه، وإنما يقع مثل هذا الاستفهام غالبًا مردفًا بما يتعلق بالاستقرار الذي في الخبر مثل أن يقال: ما لَه يفعل كَذا، أو ما له في فعل كذا، أو ما له وفلانًا، أي معه، فلذلك وجب أن يكون هنا مقدَّر، أي ما لها زلزلت، أو ما لها في هذا الزلزال، أو ما لها وإخراج أثقالها.
وجملة: {يومئذ تحدث أخبارها} إلخ جواب {إذا} باعتبار ما أبدل منها من قوله: {يومئذ يصدر الناس} فيومئذ بدل من {يومئذ تحدث أخبارها}.
واليوم يطلق على النهار مع ليلهِ فيكون الزلزال نهارًا وتتبَعه حوادث في الليل مع انكدار النجوم وانتثارها وقد يراد باليوم مطلق الزمان.
و{تحدث أخبارها} هو العامل في {يومئذ} وفي البدل، والتقدير يوم إذْ تزلْزلُ الأرض وتُخرج أثقالها ويقول الناس: ما لَهَا تحدّث أخبارها الخ.
و{أخبارها} مفعول ثانٍ لفعل {تحدث} لأنه مما ألحق بظن لإِفادة الخَبَر عِلمًا، وحذف مفعوله الأول لظهوره، أي تحدث الإنسان لأن الغرض من الكلام هو إخبارها لما فيه من التهويل.
وضمير {تحدث} عائد إلى {الأرض}.
والتحديث حقيقته: أن يصدر كلام بخبر عن حَدث.
وورد في حديث الترمذي عن أبي هريرة قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يومئذ تحدث أخبارها} قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول: عَمل كذا وكذا فهذه أخبارها». اهـ.
وجُمع {أخبارها} باعتبار تعدد دلالتها على عدد القائلين {ما لها} وإنما هو خبر واحد وهو المبيَّن بقوله: {بأن ربك أوحى لها}.
وانتصب {أخبارها} على نزع الخافض وهو باء تعدية فعل {تحدث}.
وقوله: {بأن ربك أوحى لها} يجوز أن يتعلق بفعل {تحدث} والباء للسببيَّة، أي تحدث أخبارها بسبب أن الله أمرها أن تحدث أخبارها.
ويجوز أن يكون بدلًا من {أخبارها} وأظهرت الباء في البدل لتوكيد تعدية فعل {تحدث} إليه، وعلى كلا الوجهين قد أجملت أخبارها وبينها الحديث السابق.
وأطلق الوحي على أمر التكوين، أي أوجَدَ فيها أسباب إخراج أثقالها فكأنه أسرَّ إليها بكلام كقوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا} [النحل: 68] الآيات.
وعُدي فعل {أوحى} باللام لتضمين {أوحى} معنى قال كقوله تعالى: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا} [فصلت: 11]، وإلا فإن حق {أوحى} أن يتعدى بحرف (إلى). والقول المضمَّن هو قول التكوين قال تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40].
وإنما عُدل عن فعل: قال لها إلى فعل {أوحى لها} لأنه حكاية عن تكوين لا عن قول لفظي. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

قال التستري:
قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [7]
قال: لما نزلت هذه الآية خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في خطبته: «ألا وإن الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، ألا وإن الآخر أجل صادق، يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار، ألا فاعلموا وأنتم من الله على حذر، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [7-8]».
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إتمام التقوى أن يتقي الله عبده، حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حرامًا يكون حجابًا بينه وبين الحرام.
قال سهل: لا تستصغر شيئًا من الذنوب وإن قل، فإنهم قالوا: أربعة بعد الذنب أشد من الذنب: الإصرار والاستبشار والاستصغار والافتخار.
وقد قال ابن مسعود رضي الله عنهما: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الكافر يرى ذنوبه كذبابة وقعت على أنفه فقال هكذا بيده فطارت.
ثم قال سهل: معشر المسلمين لقد أعقبتم الإقرار باللسان واليقين في القلب، أن الله واحد ليس كمثله شيء، وإن لكم يومًا يبعثكم فيه ويسألكم فيه عن مثاقيل الذر من أعمالكم، فإن كان خيرًا أثابكم فيه، وإن كان شرًا عاقبكم عليه إن شاء، فحققوه بالفعل.
قيل له: وكيف لنا أن نحققه بالفعل؟
قال: بخمسة أشياء لابد لكم منها: أكل الحلال، ولبس الحلال، وحفظ الجوارح، وأداء الحقوق كما أمرتم به، وكف الأذى عن المرسلين، كيلا يذهب بأعمالكم قصاصًا في القيامة، ثم استعينوا على ذلك كله بالله حتى يتمها لكم.
قيل له: فكيف تصح للعبد هذه الأحوال؟
قال: لابد له من عشرة أشياء يدع منها خمسًا ويتمسك بخمس ويدع وساوس العدو، ويتبع العقل فيما يزجره، ويدع اهتمامه لأمر الدنيا ويتركها لأهلها، ويهتم بالآخرة ويعين أهلها ويدع اتباعه الهوى ويتقي الله على كل حال، ويترك المعصية ويشتغل بالطاعة، ويدع الجهل والإقامة عليه حتى يحكم عمله، ويطلب العلم ويعمل به.
قيل له: وكيف لنا أن نقيمها ونعمل بها؟
قال: لابد من أربعة أشياء: لا يتعب نفسه فيما كان مصيره إلى التراب، ولا يرغب فيه، ولا يتخذ إخوانًا مصيرهم إلى التراب، ولا يرغب فيهم.
قيل: كيف ذلك؟
قال: يعلم أنه عبد، مولاه عالم بحاله، شاهد، قادر على فرحه وترحه، رحيم به.
والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.
من الإعجاز العلمي في القرآن:

.بحث بعنوان: الزلازل والبراكين رؤية إيمانية:

سورة الزلزلة واحدة من أكثر سور القرآن الكريم تأثيرا في القلوب الواعية منها والغافلة، ومن أشدها تحذيرا وتنبيها للنفس البشرية بما تسوقه من صور لمشهد عظيم من مشاهد يوم القيامة التي تتنوع وتتعدد.... مبشرة الأتقياء بنعيم مقيم محذرة الأشقياء من عذاب أليم. مؤكدة أن عمل الخير أو الشر مهما تضاءل سيجزى به الإنسان وأن الحساب والوزن والجزاء لن يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويحصيها * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره *.
تبدأ السورة بربط ظاهرتين عرفهما الناس في حياتهم الدنيا، واعتبروهما من الكوارث الطبيعية... الزلازل والبراكين؛ نظرا لما تحدثانه من هلاك ودمار وما تبثانه من هلع وذعر. وواضح من السياق أن ما سيحدث يوم القيامة سيكون أكثرا هولا وأشد وقعا وأنه لا وجه لتشبيه ما سيحدث في ذلك اليوم بما ألفه الناس أو عرفوه في دنياهم، ومن المثير للتأمل والتدبر أن أول آيتين في السورة قد أوردتا إشارتين علميتين في غاية الأهمية، لم يتوصل العلم إليهما بشكل قطعي إلا في منتصف هذا القرن وبعد تجميع كم هائل من القياسات والبيانات من كافة أنحاء العالم، استخدم في الحصول عليه أدق الأجهزة العلمية وأكثرها حساسية، وما كان يمكن لبشر في زمن محمد عليه الصلاة والسلام أن يصل إلى أي منها.
الإشارة العلمية الأولى: هي الربط بين ظاهرتي الزلازل والبراكين.
الإشارة العلمية الثانية: هي أن مكونات جوف الأرض أثقل من مكوناتها السطحية.
بالنسبة للإشارة الأولى فكلنا سمع في السنوات الحديثة عن ما يسمى بشبكات الرصد الزلزالي المنتشرة في كل بقاع العالم، وكلنا يقرأ بين الحين والآخر أن مرصد حلوان في مصر ومرصد كذا في فرنسا وكذا في أمريكا وكذا، في اليابان قد سجل الزلزال الذي وقع في منطقة كذا والتي قد تبعد آلاف الأميال عن تلك المراصد، وأنه قد تم بفضل تعاون هذه المراصد تحديد بؤرة الزلزال وشدته بدقة كبيرة، كما وأننا جميعا نسمع بين حين وآخر عن حدوث انفجار أو نشاط بركاني في منطقة كذا من العالم، وربما شاهد بعضنا ما تعرضه أجهزة التلفاز عن هذه الأنشطة البركانية ورأى الحمم أو سحب الرماد البركاني تخرج من فوهات البراكين أو من تشققات الأرض، وما تحدثه من دمار وهلع وذعر فدعا الله أن يقيه شر هذا البلاء، وحمده لكونه يعيش بعيدا عن مثل تلك المناطق، ولكن الذي لا يعرفه الكثيرون هو أن هناك فئة ليست بالقليلة من العلماء المتخصصين تعكف على هذه الأحداث والبيانات لتوقعها على خرائط أساس * أي خالية من أي بيانات * للكرة الأرضية، فهذه مجموعة توقع بؤر الزلازل التي تزيد شدتها على والتي حدثت خلال المائتي عام الماضية على خريطة تسمى خريطة مواقع الزلازل الحديثة وهذه مجموعة أخرى توقع أماكن الأنشطة البركانية الحديثة خلال نفس الفترة الزمنية على خريطة أساس مماثلة وتسمى خريطة النشاط البركاني الحديث أظهرت خريطة المجموعة الأولى أن توزيع بؤر الزلازل على مستوي الكرة الأرضية ليس عشوائيا بل إنه يتبع نمطا معينا، وأن هناك مناطق تخلو تماما من تلك البؤر مثل الصحراء الكبرى بينما هناك أخرى تتركز فيها هذه البؤر مثل اليابان وإندونيسيا والساحل الغربي لأمريكا الجنوبية والتي أطلق عليها مجازا أحزمة الزلازل، وأظهرت خريطة المجموعة الثانية أن توزيع الأنشطة البركانية ليس عشوائيا أيضا بل يتبع نمطا معينا، وأن هناك مناطق تخلو تماما من النشاط البركاني مثل الصحراء الكبرى وأخرى تكثر فيها هذه الأنشطة مثل اليابان وإندونيسيا والساحل الغربي لأمريكا اللاتينية وأطلق عليها حزام النار، تظهر أي مقارنة بين تلك الخرائط أن هناك تطابقا كاملا بين المناطق التي تحدث فيها الزلازل *أحزمة الزلازل* وتلك التي تكثر فيها الأنشطة البركانية *أحزمة النار* مما يؤكد وجود علاقة وثيقة لا يشوبها أي شك بين الزلزلة والانفجارات البركانية.
والسؤال هو: لو لم يكن هذا القرآن وحيا من العليم الحكيم فكيف تأتىَّ لمحمد أن يربط بين هاتين الظاهرتين بالذات ليصور منهما مشهدا من مشاهد يوم القيامة؟ ولماذا لم يربط الزلازل مثلا بالصواعق أو الأعاصير أو يربط البرق والرعد بالبراكين؟ وكيف أمكن لمحمد دون أي قياسات أو اتصالات أو رصد وقبل أن تكتشف مناطق كثيرة من العالم أن يربط بين الظاهرتين بهذا الربط الجازم الواضح المبسط؟ *إن هو إلا وحي يوحي * ولعل في هذه الإشارة العلمية وما بها من إعجاز مجالا ليراجع أي منكر لرسالة محمد موقفه وليزداد كل مؤمن بها إيمانا وتصديقا.
أما بالنسبة للإشارة العلمية الثانية والتي وردت في الآية الثانية من سورة الزلزلة *وأخرجت الأرض أثقالها* فهي تفيد أن مكونات الأرض في جوفها أثقل من مكوناتها عند سطحها. والسؤال هو: ما نصيب هذه المعلومة من الصحة ومتى وكيف أمكن للعالم أن يعرفها؟ أما أن هذه المعلومة صحيحة فهذا أمر مؤكد لا يختلف عليه اثنان من علماء الأرض الآن بل إنه أمكن تحديد كثافة تلك المكونات فمتوسط الثقل النوعي لمواد الأرض السطحية هو حوالي 2.5 وتزيد هذه القيمة تدريجيا لتصل إلى حوالي 3.5 في الوشاح على عمق يبدأ من حوالي 60 كم إلى حوالي 2900 كم ثم يصل الثقل النوعي إلى حوالي 12 في لب الأرض الذي يمتد لمسافة 3000 كم أخرى حتى مركز الأرض.
أما متى عرف العلماء هذه الحقائق؟ فالمعلومات كلها تؤكد أن ذلك تم كله في القرن الحالي بعد أن أمكن قياس سرعة انتقال الموجات الزلزالية في جوف الأرض وتحديد النطاقات التي تتغير عندها هذه السرعات، ثم تحديد تركيب هذه النطاقات من المضاهاة التجريبية لسرعة انتقال أنواع الموجات في المواد المختلفة، كما ساعدت دراسة النيازك الحديدية التي تتساقط على الأرض والتي يعتقد أنها مماثلة لمكونات الأرض الداخلية أيضا في الوصول إلى تصور عن التركيب الداخلي للأرض والصور التي يمكن أن تتواجد عليها المادة هناك كما أمكن الاستفادة أيضا من قوانين الجاذبية في حساب متوسط كثافة الأرض حوالي 5.5م/سم والذي أعطى مصداقية لكل هذه التقديرات.
والآن نعود فنسأل لو لم يكن وحيا فكيف كان لمحمد أن يعرف هذا التدرج في ارتفاع كثافة مكونات الأرض وأنه عندما تحدث الزلزلة الكبرى ستلقي الأرض بأثقالها مما هو في أعماق أعماقها، ثم نوجه الانتباه إلى هذا التوافق الرائع مع ما ذكره الحق في موضع آخر من كتابه الكريم *الله الذي جعل لكم الأرض قرارا* سورة غافر 64. فقد جعلها بهذا التوزيع الداخلي للأثقال والجاذبية ملائمة تماما للحياة والاستقرار عليها سواء من البشر أو الحيوان أو النبات، فإذا أراد الله أن ينهي هذه الحياة بكافة صورها فما على الأرض إلا أن تتخلى عن مسئوليتها وتلقي ما بداخلها تصديقا لقوله تعالى: {وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت} سورة الانشقاق 3-4. وبهذا تنتهي الحياة على الأرض... الزلزال الأعظم يحدث فتتشقق الأرض ويندفع ما بداخلها وتلقي بأثقالها فتميد وتضرب {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}. اهـ.